Follow me on Twitter

الجمعة، 22 نوفمبر 2013

مشهد من الأيام الأخيرة: أنا وقعت

كانت الثلاجة معطوبة، من شهور وشهور، يتجمع في قلبها، من موضع مجهول، ماء ثقيل وزلق، يتسرب إلى الأرض كلما فتح أحدنا الباب...

ذهبت أفتحها، بلهوجتي المعتادة، وتعجلي الانتهاء من كل شيء وأي شيء، وفتحتها فعلاً، وكان الباب في يدي، ثم داست قدمي الحافية في بقعة الماء الثقيل، فانزلقت على السيراميك المصقول، والتوت، وانثنى، ببعض الألم، مفصل إبهامها الذي يفضله النقرس على سواه ويهاجمه بشيء من الانتظام...

اختل توازني، بالطبع، ولم تجد يدي الممسكة بباب الثلاجة ما تتشبث به دون السقوط...

فسلمت بقضاء الله، وتركت نفسي للجاذبية، محاذراً فقط أن أبتعد برأسي عن حافة ترابيزة السفرة، الحادة البارزة...

لم تكن الهبدة عنيفة جداً، أو مؤلمة جداً، لكنها، على نحو غامض، آلمتني، وجرحت بداخلي كبرياء طفولية ما، كنت ألملمها وأخفيها عن الأنظار، في فترة تكالب الأمراض والأوجاع عليها، هي...

ولم أملك سوى الصياح، بصوت حاولت أن أجعله مرحاً، لاهياً، غير مبال، بصوت فيه ضحك واستهزاء من الحادثة الضئيلة، المضحكة فعلاً رغم كل شيء: أنا وقعت. 

فأقبلتا، ملهوفتين، جزعتين، تستطلعان أمر ذلك الذي وقع. 

جاءت صغيرتي، حبيبة قلبي وقرة عيني، ووقفت في مواجهتي، تريد أن تنهضني من رقدتي على ظهري، على الأرض، ومدت لي يدها وهي تغالب ضحكها وتكتمه ـ المجرمة!

أما هي فكانت قد تأخرت قليلاً، أثقل المرض خطوها، وجرح العملية الأولى، وخرطوم الدرنأة المتدلي منه. وبينما كنت أنهض من على الأرض، ممسكاً بيد ابنتي، قالت لي، بصوتها الذي أدرك كل شيء، كل ما شعرت به وما احتجت أن أقوله، ولم أقله، بصوتها الذي تخصصه لمخاطبة الرضع والأطفال الصغار، صوتها الذي يقطر حنواً واسترحاماً...

قالت لي: يا حبيبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق