Follow me on Twitter

الأحد، 5 مايو 2013

وكأن المحبة فرض كفاية

خلوني مع نفسي ... شوقي زاد حنية، من اللهفة لعيناهم
وأراجع ذكريات أمسي، وماضي ما حصل ليا، بعد أن عز لقياهم
من الود قلبي يسقاهم...
عساهم يذكروا ودي عساهم، في الروحات والجاية، معاهم صادق النية

نشرت هذه الأغنية الجميلة على ساوند كلاود، وسمعتها مرات ومرات، وفكرت...
لأنها ذكرتني بما لعلني لم أنسه قط، بما تكنه نفسي عن العربية وتراثها.
فأنا أعتقد مخلصا أن العربية خير لغة تعبر عن الحب، وتراثها من هذا التعبير غني بما لا يقاس ولا يقارن. أو لنقل...المحبة. 
أهناك لغة أخرى تشتق من أصل واحد كلمتين كالحب والمحبة، بينهما كل هذه القربى، وكل هذه الفروق الدقيقة ورهافة الظلال؟ 
أهناك لغة أخرى يتغنى أهلها بالحب كما نفعل؟ 
أهناك لغة أخرى تصف الحب الإلهي بوجده اللاعج، المسلّم مع ذلك بحتمية الانفصال، كما عند ابن الفارض؟ أحبك حبين ـ فرقة ابن عربي
أو تصف الحب الإلهي شطحاً وتمرداً على الانفصال كما عند الحلاج؟ 

في الأغنية الأولى، ليس ثمة مجاز، أو بالكاد...فكلمات المحبة في العربية شعرية بذاتها، دون استعارة أو تكنية. 

في لغتنا كثير كثير من الحب. أتراه أكثر مما ينبغي؟ 
ألا نستشعر كلنا في حياتنا العامة، في عيشنا المشترك، افتقادا فادحا للمحبة؟ 
كأننا نحب ـ في اللغة، بل باللغة ـ كي نتخفف من أعباء المحبة. 
وكأن المحبة فرض عين، تؤديه عنا أشعارنا وأغانينا، فلا يبقى بين أيدينا منها بعد ذلك إلا ما يكفي ـ بالكاد ـ لأنفسنا ولـ"عشيرتنا" الأقربين. 

وليس في هذه الفكرة جديد، ولا هي فتح غير مسبوق في الدراسات الثقافية أو علم اجتماع اللغة أو ما شئت من المباحث المستحدثة في علوم الإنسان. قيل عن شيكسبير، مثلا، إنه، بطغيان عبقريته، استنزف الإنجليزية وأجدب قرائحها قرنين من الزمان...لم يجد القوم بعده ما يقال، ببساطة. وهذا مقارنة، مثلا، بالفرنسية، التي ظلت تنتج كبريات الأعمال في كل القوالب قرنا بعد قرن، لأنها خلت من "شيكسبير"ها. 

المحبة إذن عبء، تحمله عنا لغتنا.

عسى أن نحمله، نحن، يوما، عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق